Monday, October 29, 2007

لحظة انبهار


يداهمنا بقوة ، يجعل مننا عجينة طرية قابلة للثنى والطرق ، إنه هذا الجبار ، تأثيره يفوق ومضة فلاش السيارة عندما تفقدك الرؤية فهو يُحيك وسط الظلمات لسنوات ...إنه الانبهار هذا القاتل الفاتك الذى لايكفيه ان تصبح عبدا له ولكنه يستحوذ على عقلك وتفكيرك ، يجعلك تؤمن وتصدق الشئ المنبهر به وتعتقد إنه أفضل مافى العالم ، وأنه ملائكي بلا عيوب بلا شوائب وتظل هكذا حتى تذوب فى كيان ما انبهرت به ...وهنا المفاجأة
اللعنة ..اللعنة عليك أبها الانبهار تخطف أوراحنا وأبصارنا ثم تتركنا على حافة الحقيقة وعلينا أن نواجه واقعنا المؤلم بعد أن ُأُُجريت لنا عملية للابصار وزرعوا لنا تلك الأعين الحادة التى تظل واقفة لا تحنيها الرموش ولاتعرف التعب والاجهاد تنقب عن مرارة الحقيقة.
لماذا جئت ومن أين؟ ، واقتحمت على حياتى بسم الابهار والانبهار فاستسلمت لك وحلمت أن احقق معك وفيك أسمى طموحاتى ، ظننت أنك الأفضل والأعلى والأجمل فى زمان بات الجميع منطفئون مملون ، حياتهم كيئبة
ما زلت اذكر كيف كنت أتمنى أن أكون جزءا منك ومن عالمك ، وأن يتردد اسمى بداخلك وعلى ألسنة من يعرفوك ، سعيت إليك وذهبت حيث أنت ،عرضت أن أكون بجابنك وأعمل معك، خطواتى نحوك كانت طائرة لااملك تثبيتها ،أنفاسي حائرة لم ترتاح إلا بجوارك ، إرادتى انعدمت أمام ابهارك لى ، لم أكن ارى سواك ولااسعى إلا نحوك وطموحى أن أكون بداخلك ...ودخلت عالمك و اقتربت منك ، وعشت تحت جلدك ورعايتك ، صنعت لى اسما وشكلا بجابنك ، وتخيلت أننى أدركت الأمان معك ، وأصبحت جزءا لا يتجزأ منك ، سعادتى غامرة وفرحتى لاتوصف وحبي لك يزيد كل يوم ، أحلامي وطموحاتى وولائى وانتمائي أشياء امنت بها وعرفتها لأجلك لأعيشها لك...ظننت لوهلة أنك تعرفنى وتراقبنى وتهتم لأمرى وترفعنى إليك ..يا لك من ملعون أيها الانبهار أوهمتنى بكل ذلك ...
بدأ الوقت يمضى ، 3 أعوام وأنا أحى فى هالته ، داخل عالمه ، مؤمنة به ، أضحيت حارسة فى أرضه ، لكنه تخلى عنى ، طردنى واعتبرنى أقل من أكون معه ، قال لى أنه لا يريد إلا من يفهم قواعد اللعبة ، فتركت عالمه بانكسار قلب أسد وأنا احتفظ بأمل العودة بكبرياء حتى جاء طلبه بأن أرجع لأكون معه من جديد ، لم أصدق أنه انتقص من غروره وكبرياءه وطلبنى ، ذهبت إليه شامخة ينتابنى الزهو والفخر لأول مرة منذ التقيته ، ونسيت ماحدث وتعهدت ببداية جديدة ، لكن ليس كل ماهو جديد جميل ...فبعد عودتى صارت الأمور أكثر وضوحاً وشعرت بالوميض يتلاشي تدريجيا ليظهر أمامي ، لم أعرفه ، لم يكن هو من أحببته وأردت أن يدخلنى عالمه...أضحيت أرى ، اتعلم كيفية رؤية الأشياء فى نصابها ، بدأت افيق من ضباب الانبهار ، شيئاً فشيئاً ذهبت كل قناعاتي ومبادئي وانتمائي وولائي أدراج الرياح
مشكلتى أننى بدأت أفهم وعقلى شرع فى التفكير والاستيعاب بل وتسلط على الفهم والفكر ليحيلا حياتى إلي دائرة من الشك والرصد والتحليل والترقب حتى أضحي كل شئ أمامي واضح وقدرتى على الاستنتاج بارعة دائما ما استنتج الأسوء نحوه ويصدق حدسي ، كل هذا وأنا مازلت داخل دائرته اتمزق بين حبي وولائي له وعقلي الذي لايرضى بهذا الزائف بعد أن أبصرته عيناي دون رادء الانبهار.
اُقتل كل يوم ، اموت من حيرتي وصدمتي ، أهذا هو الشئ الذي امنت له وأحببته ، أتغير حقاً أم أنه كان بهذه البشاعة و خدعت فيه عندما عشت في كهف الانبهار
سامحني يا الهي لم أكن أدرك أنه هكذا ،وساعدني أن اتخذ القرار ، لتكن بيدي لا بيد عمرو ، سأرحل عنه قبل أن يدمر ما بقي من أطلال ذكري نقية له في نفسي ، سأرحل قبل أن اتحول لكتلة صدأة مزرنخة ، سأرحل بلا رجعة ولن انتظر أن يطردني من جنته المزعومة ، سأرحل وأنا اجاهد لامحو من ذاكرتي صورا لوثها بضباب الانبهار ..فساعدنى يا الهى .