في تمام الساعة العاشرة والتصف مساءٍ , وقفت على محطة مترو جمال عبد الناصر في انتظار العلبة الصفيح المتعددة الألوان من مساحيق الإعلانات أو كما يسميه أحد أصدقائي الأعزاء " الأنبوب" ، وبقدومه تدفقت الجماهير وأنا معهم إلي داخل الأنبوب ، واتخذت مكاني المعهود جانب الباب وبدأت التقط أنفاسي وافتح شنطتي لإخرج منها الكتاب الذي اقرأه ، فإذا بها تلتفت بعينها نحو دبدوبي الذي أعلقه في الشنطة وتمتد يدها الصغيرتين بمساعدة والدها الذي يحملها لتمسك بالدبدوب وتلعب معه وتجذبه بقوة نحوها لترتسم على شفاها أجمل بسمات الأرض ، فما كان إلا أن نهيت وثاق الدبدوب بشنطتي وأعطيتاه اياه ، فإذا بها تحتضنه وتقبله وتضعه في فمها وتتفحص أرجله الصغيرتين مثل رجليها التي تدب على الأرض كقطرات الندي ، وتنظر إلي "التي شيرت" الأخضر الصغير الذي يرتديه، وتري من خلال عيناه عيناها الجميلتين المختفيين وسط بشرتها القمحية الطفولية ويغطيهما شعرها الأسود المتدلي عليهم من كثرة الحر ومجهود اللعب مع الدبدوب
وفجأة وجدتها قريبة مني ووالدها يعطيها لي لتقبليني ، فاحتضنتها وجعلت من يدي كرسي مريح تجلس عليها لتلعب برجلها ذهاباً واياباً، ثم أرجعتها مرة أخري لوالدتها التي بدأت تناوشها ، وطوال الطريق وأنا أقرأ سطر وانظر إليها في السطر الذي يليه ، اتفحص فرحتها بالدبدوب وبسمتها الرقيقة والسعادة التي تنميت أن أكون سببها وأن أكون استطعت أن أجعلها سعيدة ولو لدقائق بسيطة لم تكمل ساعة من الوقت، وأخذت اتابعها وشعور بالسعادة غريب يجتاحني لرؤيتي بسمتها ولحملي اياه وتمنيت لو أن الساعة تتوقف ولا أصل بيتي لاظل معها ..ومرت الساعة الا ربع التي اقضيها في المترو قبل أن يصلني إلي محطتي " عين شمس " كنسمة صيف في أيام الحر التي نشهدها ، ونزلت المحطة وهي معي يحملها والدها ، ومن الواضح أنهم يقيمون في عين شمس ، واعطت لي والدتها الدبدوب، فطلبت منها أن تأخذه هدية فرفضت و شكرتني، إلا أنني استائذنتها في أن تسمح لي بتقبيل ابنتها ثم سألت والدها عن اسمها فقال لي : " اسمها ملك " ..حقا أنها ملك صغير ادخل السعادة على قلبي الذي قلما مايشعر بالسعادة ، فشكرا لك ياالله على الجمال والسعادة الذين منحتهم لي عبر ملك ..شكرا لك